الحركة مش اختيار استنسخ

2021/09/18

الحركة مش اختيار

يمكن كل أم فاكرة إمتى طفلها لأول مرة يرفع راسه، أو يقف على رجله، أو إمتى أول مره يسيب إيده ويمشي لوحده. وبتكون ذكرى سعيدة بنبتسم لها.

بنحس فرحة إن أطفالنا بخير، وإن جسمهم بصحة وما عندهمش تحدي.

وإحنا فرحانين بهم وبعافيتهم الجسدية، أطفالنا من الناحية التانية بيكونوا بينطوا نطة معنوية كبيرة.:”جسمي، اللي ما كنتش عارف أتحكم فيه، بقيت بإرادتي أحركه.”

الإرادة… بتتولد مع أول حركة مقصودة من الطفل وبتبقى رفيقة جسمه، كل ما بيتطور، الإرادة كمان بتطور وتكبر وتزيد قوتها. 

وإحنا فرحانين بأول خطوة صغيرة، عقلهم بيكون بياخد خطوات كبيرة في النمو. زي إيه؟

 

الذاكرة:

مع الحركة، الذاكرة بتقوى. لكن ده معناه إيه في نمو الطفل؟ الذاكرة مش مهمتها في الأطفال إنهم يتفوقوا دراسيًا. مهمتها إنهم يقدروا يكبّروا جواهم معرفة أوسع بالعالم من حواليهم. معناها إن الطفل يقدر يفتكر حاجات اتعلمها، فيتعلم حاجات أكتر!

 

الاستقبال الحسي:

الحركة مش بس الجري والنط وكل اللي بنسميه إحنا الكبار “رياضة.” ده مفهوم محدود عن عالم واسع اسمه الحركة. لما الطفل يلمس ويشيل ويركب ويتوازن ويساعد في البيت وبره البيت ويجري وينط ويتشقلب ويقع ويتخبط ويترب ويتبل… كل ده وجسمه بيتحرك! الفكرة هنا إن مش بس عضلاته بتشتغل مع عقله، ده كمان حواسه في حالة استقبال لكل حاجة بيتعامل معاها أثناء الحركة. وإيه معنى إن حواسه بتستقبل؟ يفيده في إيه؟ اللي ما نعرفوش إحنا الكبار، عشان كبرنا ونسينا، إن كل معرفتنا بالعالم، وشخصياتنا وسلوكياتنا، وأفكارنا واختراعاتنا، أساسها حاجة واحدة مشتركة: تجربتنا الحسية وإحنا صغيرين. حواس الأطفال هي مفتاحهم للعالم ولنفسهم. ومش بنقدر ده إلا لما بنشوف أطفال محرومين من الحركة واللمس كفاية، بنشوف قد إيه عقولهم بتكافح تلاقي أرض صلبة تقف عليها وتكبر فيها. وبنشوف ده تأثيره إيه على سلوكياتهم ومشاعرهم كمان.

 

المهارات الذهنية:

إيه المهارات الذهنية؟ بنربط عقل الطفل غالبًا بالحساب والقراءة والكتابة… لكن الموضوع أبعد من كده. لما أقدر أعرف لو عملت كذا هيحصل إيه وأفكر إزاي أقدر أختار فعلي، واللي بنسميه تقدير العواقب، دي مهارة ذهنية بيختص بها الإنسان. لما ألاقي قدامي مشكلة أو صعوبة، فأفكر في حلول لها وأعرف أنفذها بطريقة فعالة، دي مهارة ذهنية كمان. إزاي أقدر أصنف وأفرز وأرتب وأستخدم اللي اتعلمته من قبل كده تاني، دول كلهم مهارات ذهنية بتكبر معانا. المهم، إن العلم قدر يربط الحركة بنمو مراكز المهارات الذهنية دي في العقل. وأهم حاجة محتاجين نعرفها، إن الحركة كمان بتساعد على المرونة العصبية، ودي أهم وسيلة ودفاع للإنسان في حياته. المرونة العصبية هي اللي بتساعدنا نتعلم حاجات جديدة، ونقدر لو فيه تجارب أو عادات سيئة، نقدر نتخطاها ونغير تأثيرها علينا. ونقدر كمان نفكر في حلول جديدة وطرق مختلفة نعيش بها حياتنا.

 

التطور الإجتماعي والشعوري:

أكيد كلنا عارفين إزاي الرياضة بترفع من معنواياتنا. ده عشان الحركة بتنظم إفرازات الهرمونات المسئولة عن مزاجنا. بس كده؟ لا، مع توازن الهرمونات، وكل اللي اتكلمنا عليه ده مع بعض، الطفل بيكون إنسان سوي له شخصية واضحة المعالم، مسئول عن أفعاله ويقدر ياخد قرارات ويحس باللي قدامه ويقدر يشارك تجاربه. والعلاقات الإنسانية هي نتاج كل ده. يمكن بنربطها بشكل بسيط بإن توازن الجسم يساوي توازن الروح يساوي توازن العلاقات الإجتماعية… لكن الحقيقة اللي بيربطهم شبكة كبيرة ومعقدة من كل اللي فات، بتشكل الجذور القوية لشخصية متوازنة.

 

كنا فاكرين زمان إن الحاجات دي بتكبر بالتوازي مع تطور حركة الطفل. لكن دلوقتي بقينا عارفين إنها بتكبر *بسبب* الحركة.

في زماننا بقت كلمة فرط الحركة في كل مكان، وأماكن كتير الطفل موجود فيها بيبقى قلة الحركة والثبات فضيلة… لدرجة إننا بقينا نشوف الحركة إنها حاجة سلبية، نخاف منها وعينينا عليها ونغضب لها.

زي أول مرة طفلي بيرفع راسه، فيه خطوات كتير جدًا بيحققها في حركته وهو بيكبر، لكن ما بناخدش بالنا منها، لأنها بقت معقدة ودقيقة أكتر. ومعاها بتكبر حاجات معقدة ودقيقة أكتر في عقله ونفسيته.

الحركة للطفل مش اختيار. الحركة حياته كلها.

 

التعليقات
المزيد