حكاية نشأة سيوة و شالي
إعداد: زينب كمال
بتاريخ 10 ديسمبر،2018
الشخصيات: |
|
الزمان والمكان: | مصر، واحة سيوة، منطقة شالي قديماً و حديثاُ. |
دلالة تاريخية: | هي قصة نشأة سيوة و تاريخها. |
ملحوظة: كل هذه الأحداث التاريخية، تم عمل بحث عليها و مراجعة صحتها.
زمان كانت سيوة اسمها واحة امون، كانت مسكونة من قِبَل الفراعنة. البلد دي كان عايش فيها حوالي تلاتة مليون نسمة عشان كده احنا دلوقتي مش شاغلين تلت المساحة اللي كانوا شاغلينها. و بعدين حضارة المصريين القدماء انقردت و جم المقدون و الاغريق بعد كده حضارتهم انقردت.. و اعظم كهنة بتوع معبد الاله امون كانوا هنا. و الاسكندر المقدوني جه استلم النبؤة بتاعته بسيادة العالم من معبد وحي امون واتوّج هنا و عجبته البلد اوي حتى هو طلب من الملك امون انه لما يموت عايز يتدفن هنا. عشان كده عندنا هنا مقبرة اسمها مقبرة الاسكندرالاكبر. بس محدش عارف لو هو فعلا مدفون هنا ولا لأ. جت باحثة يونانية اسمها ليانا(1) و معاها دلايل ان الاسكندر مدفون هنا لكن تصريح البحث بتاعها وقف وقت الثورة. لان في ايام الحرب العالمية التانية كانوا هنا الطلاينة و الانجليز و الالمان. غير الرومان اللي جم في سيوة بعد المصريين القدماء فا البرديات وقعت في ايديهم هما و اخدوها و درسوها، عشان احنا السيويين هنا زمان كنا بنقول: ” دي حاجة ميتين”، ما بنشيلهاش، بنشيل الحاجة القيمة بس زي الدهب اما البرديات و التماثيل بقول: “لا لا لا دي حاجة ميتين دي”، فا كانت بتترمي.
بعد كده، زمان كان في طريق بيوصل بين الشرق و الغرب و خط السفر ده كان بيعدي على سيوة زي قوافل الحج و التجارة من المغرب و الجزائر و ليبيا في الغرب و السعودية في الشرق وكدا فا كانت الواحة دي زي محطة استراحة القوافل بتستريح فيها لان كان فيها بين كل 15 او 20 كيلو تلاقي في بير مياه عزبة و في يوم من الأيام راحت قافلة امازيغية معدية على استراحة سيوة و كان في واحد منهم مرض و مكانش عارف يكمل الرحلة اللي كانت بتاخد بالشهر و الشهرين فا قال لهم سيبوني هنا و انتوا راجعين عدوا عليا لو لاقيتوني ميت ادفنوني لو كنت حي خدوني معاكم. فا قعد الراجل في سيوة و خف من المرض و بدأ يزرع، عمل زراعة، و كانت بتعدي عليه قوافل و كانت الناس بتستريح عنده و يسيبوا له أكل و اتبسط و عدى حوالي سنة و القافلة بتاعته رجعت تاخده لاقوه حالة تانية و زارع أرض و مبسوط مالمكان فا قال لهم: “لأ أنا سيبوني هنا أنا و حواضي (يقصد أحواض الزرع) و بلّغوا أهلي اذا كان عايزين يجوا.”. و من هنا بقا اسم الراجل ده (بوحواض) عشان كده في عائلة هنا في سيوة اسمها عائلة حويضي نشأت من الراجل اللي قال لهم “سيبوني أنا و حواضي”. و الحُكم زمان بين الأمازيغ ان اللي بيعمل حاجة غلط بيتطرد بعيد فا كان اللي يطردوه اهله كان بيقول:”هاروح لمين؟ لبو حواض!”. فا المهم بدأت كل قافلة تعدي تجارة او غيره و الناس بدأت تنبسط من المكان فا بدأ يشد قرايبه و ناس كونوا قبيلة و اتجمعوا الامازيغ هنا في سيوة. هما اهتموا بالزراعة و التجارة (تبديل السلع بالبلح و الزيتون) و الجيش لكن المشكلة انهم ما اهتموش بالتعليم و كتابة اللغة، عشان كدة اللغة الأمازيغية هي لغة وراثة شفوية لحد دلوقتي..
بس كان في مشكلة الغزوات و الناس قطاعين الطرق اللي كانوا بيغيروا على سيوة و بياخدوا حاجة اهلها. فا بعد ما كتروا الناس فكروا يعملوا قلعة تحميهم اللي هي قلعة شالي(2). و بنوها و حصّنوها. و بعدين جت قافلة جيش عمر ابن الخطاب اللي كان بينشر الاسلام في الغرب وهو راجع دخل المدينة (شالي) و رحبوا بيهم و كان عند اهل المدينة مفيش حد بيقعد اكتر من 3 ايام فا جه ميعاد الصلاة فا قالوا:” فيه دين الاسلام و وضعه واحد اتنين تلاتة..” فا معجبش اهل سيوة الكلام و طردوا الدعاة و قالوا لهم: “انتو هاتغيروا ديننا..!” قصده الديانة المصرية القديمة، فا راحوا الدعاة لعمر ابن الخطاب و قالوا له الوضع كذا كذا.. فا جهز عمر ابن الخطاب جيش و جه سيوة عشان ينشر الأسلام في البلد و بعدين أهل سيوة طبعا افتكروا انه غزو و احتحصنوا في القلعة بتاعتهم و قفلوا عليهم الأبواب و مارضيوش يدخّلوا جيش عمر ابن الخطاب و عشان الجيش يخش المدينة ما عرفوش لان اهل شالي كانوا بيحاربوا بزيت الزيتون المغلي؛ كانوا يرموه من فتحات ممر الدخول الضيق فوق الجنود و من فتحات السور فا مكانش حد من الجيش يقدر يقرب من سور القلعة. فا رجعوا لعمر ابن الخطاب و قالوا له انهم مش عارفين يقطحموا القلعة فا قال لهم:”هما هايروحوا فين؟ ما كده كده اكلهم هايخلص و الزراعة بره. فا خليكوا محاصرينهم”. لكن شالي فوق كان فيها تلات أبيار مياه منهم بير شغال لحد دلوقتي. فا كانوا بيشربوا منها و كانوا مخزنين البلح و الزيتون بيجففوه و معاهم الزيت فا بياكلوا منه. قعدوا على كده حوالي اربع سنين محاصرين جوة شالي. و طبعا نفذ منهم الأكل فا اضطروا انهم يسلّموا، فا استسلموا ليهم اجباري، و عرفوا بقا الاسلام.. لغاية دلوقتي احنا عندنا الناس القديمة الكبار في السن زي الست العجوزة اوي كانت لو مكان في عفرة او عفاريت تتخض و تقولك:”جاك عمر ابن الخطاب!” او لو تقوم عاصفة تراب يقولك:”دي غارة سيدي عَمَر!”. هما دول اللي جايين بالجيش بتاع سيدي عمر ابن الخطاب لانهم كاونوا شيفين طبعا التراب و هو جي بالخيل كأنها عاصفة فا كل ما تيجي عاصفة يقولك:”يااه دي غارة سيدي عَمَر!” لان هو ده الوحيد اللي طلّعهم من الحِصِنَة بتاعتهم ماعرفش اي غازي تاني يخش عليهم. كلام الناس القديمة ده لسه موجود بس بدأ ينقرض في التمانيينيات.
و بعد كده الناس بدأت يستقبلوا ناس اكتر مش زي زمان يستضيفوكي تلات ايام و بعد كده يسألوكي :”انتي رايحة فين مسافرة فين، ملكيش قعاد عندنا”.. بدأوا يخطلتوا بالناس و ينزلوا من قلعة شالي.. و يوسعوا.. و اول ما دخل التعليم جه من ليبيا، دخّلته السنوسية(3) هما اللي نشروا التعليم عن طريق الكٌتّاب.
و ضم محمد علي سيوة لمصر، و الخدوي اسماعيل في العصر الفاطمي هو اللي اسس التعليم في سيوة بس تعليم الأزهر فا بقوا السنوسية و الأزهر. و الناس ابتدت تحس بالأمان لان الغارات قلة و ابتدوا يبنوا بيوتهم برة شالي. و الملك فؤاد قرر انه يبني جامع في سيوة فا بنوا الجامع اللي هو دلوقتي جمب البنزينة، كانوا بيكسروا الحجر من معبد امون و يبنوا بيه الجامع. و خلصوا الجامع ايام الملك فاروق و هو اللي افتتحه. و جت سيول و بيوت كتير في شالي انهارت و باقي البيوت ماقتش صالحة فا الناس سابت شالي و بنوا بيوت جديدة فوق الجبل.
(1) Liana Souvaltzi باحثة مصريات من أصل يوناني.
(2) شالي تعني باللغة السيوية: مدينة. استخدم في بناء منازل المدينة حجر الكرشيف الطيني المشبعة بالملح، لأنه حين يجف يصبح شبيهاً بالأسمنت في صلابته.
(3) السنوسية هي حركة إصلاحية ذات طابع إسلامي، تأسست في مكة و توجد في ليبيا والسودان ويرجع أصلها لسلالة الأدارسة الذين حكموا المغرب في القرن التاسع.