فلن جوكوم (راس البصلة)
إعداد: زينب كمال
الحكاية الشعبية الأصلية بعد تلخيصها و تحويلها الى العامية:
كُمَّا كُمَّا حيّاكم الله، قولوا خير ان شالله!
كان في زمان ولد اسمه فلن جوكوم او راس البصلة (١) لإن جسمة كان قصير و راسه كانت كبيرة. كان شب بسيط على قد حاله ابوه مات و هو صغير و امه ربته و علمته و كان من و هو صغير بيرعى الغنم عشان يصرف على نفسه و يساعد امه. و كان مشهور بأخلاقه الكويسة و صدقه فا الناس كانت بتأمن له و تديله غنمهم يرعى بيها. و كبر فلن جوكوم و زادت محبة الناس اللي حواليه له و علاقاته الطيبة بيهم. و في يوم فكر انه يجرب حاجة تانية يكسب بيها رزقه زي التجارة. بس هو مكانش معاه راس مال كفاية فا قرر انه يختار له شريك يكون معاه المال و هو يشغلهوله و بعد كده يتقاسموا مع بعض الأرباح.. و لما الخبر انتشر ان فلن جوكوم هايشتغل فالتجارة و انه بيدور على شريك فا راحوا كل كبار تجار القرية بعتوا له لإن سمعته الحلوة كإنسان كانت سبقاه. و اختار واحد منهم مشهور بحكمته و إداله التاجر الكبير الحكيم ده فلوس و مركبة للسفر و فلن جوكوم سافر بالمركب المحملة بالبضايع بلاد بعيدة و كان بيبيع بزمَّة و أمانة و بأسعار كويسة و البضاعة اللي باظت تماما في طريق السفر الطويل مكانش بيبيعها اما البضاعة اللي ماباظتش اوي فا كا بيبيعها بأسعار قليلة عكس التجار التانيين اللي كانوا بيغشوا الناس و كان صادق فا الناس كانت بتشتري منه و هي راضية و كانوا بيشكروا فيه و اسمه اشتهر فالاسواق بالخير و الناس بقت تتلم على البضايع بتاعته و تجارته نجحت و كسب فلوس كتير و رجع بيها مبسوط و شارك الأرباح مع التاجر الكبير و حوش الفلوس اللي هو كسبها عشان تبقى راس المال اللي هايتاجر بيها في الرحلة اللي بعدها لكن المرة دي اشترى هو مركب على قده عشان يسافر لوحده. و جاب بباقي الفلوس كلها ملح! التجار التانيين قعدوا يتريقوا عليه “شوف اللي راح اشترى بفلوسه كلها ملح! ماكان اشترى بيهم رمل احسن!” و قعدوا يضحكوا هاهاهاها.. لإنهم كانوا شايفين ان الملح بابيجبش فلوس لإنه رخيص جدا برخص التراب و ان سعره مش هايجيش تمن شيلته مابالك بقا السفر بيه.. بس هما ماكانوش عارفين ان لما فلن جوكوم نزل في بلد بعيدة غريبة اسناء رحلة سفره اللي فاتت، داق اكلهم هناك و لاقاه دلع و انه لما سأل و اتفحص إكتشف ان الناس في البلد دي مايعرفوش الملح ولا عمرهم داقوه! فا هو لما سمع تريقتهم ماهموش و لما جه واحد من التجار سأله: “انت مسافر على فين بالملح ده؟!” رد عيه فلن جوكوم و قال له: “سيبني في حالي انا معنديش فلوس كتير اشتري بيها بضاعة غالية فانا رايح اشوف رزقي على قدي!”
و راح يكمل شغله و لم حاجته عالمركب و شق فلن جوكوم طريقه فالبحر لوحده و موجة تشيل و موجه تحط.. لغاية ما وصل بالسلامة لشط بلد بعيدة اوي و رسى المركب بتاعته و فتح شوال من اللي معاه و خد حبة ملح و لفهم في سُرّة صغيرة و حطها في جيبه و اتجه لوسط البلد دي يشوف سوقها و في طريقة شاف زحمة و ناس كتيرة متجمعة فا سأل عن سبب لمتهم قالوا له ان النهاردة فرح إتنين من ولاد أعيان البلد و ان كل الناس الليلة دي هاتحضر الفرح ده.. فلن جوكوم شاف ان دي فرصة هايلة و قعد يتمشى وسط الناس لغاية ما قابل اصحاب الفرح و سلم عليهم و بارك لهم و لما عرفوا انه جاي من سفر رحبوا بيه و اعتبروه ضيف عالبلد و عزموه عالفرح. و جه الليل و فلن جوكوم راح الفرح و هناك فضل يتمشى بين المعازيم لغاية لما عرف مكان المطبخ. دخل المطبخ و سلم على الطباخ و راح عند الحلة الكبيرة و طلع سرة الملح و لما سأله الطباخ بتعمل ايه قام خد حبة أكل من الحلة في طبق و حط شعرة ملح و داق منه و دوق الطباخ و مساعدينه. الناس فالمطبخ لما داقوا الأكل انبهروا جدا بطعمه! و وافق الطباخ و حط فلن جوكوم ملح على الأكل كله بنسبة قليلة بس تعمل فرق كبير جدا. و جه وقت الأكل و اصحاب الفرح و اعيان البلاد و المعازيم كلهم كلوا و إنبسطوا و كلهم كانوا عايزين يعرفوا سر طعامة الأكل اللي عمرهم ما اكلوا زيه في حياتهم.. لغاية ما سأل صاحب الفرح الطباخ و قال له على سر الملح و نادوا على فلن جوكوم و شكروه و ادوله هدايا و خير كتير على انه خلى اكل الفرح ده مفيش زيه.. و اشتروا منه كميات كبيرة جدا من الملح هما و اهل البلد كلها بسعر اعلى بكتير من اللي اشتراه هو بيه لغاية ما الملح اللي كان معاه خلص كله!
و رجع فلن جوكوم بلده و هو معاه عملات دهبية و خيرات كتير.. و التجار التانيين مصدقوش نفسهم! و قعدوا يسألوه: “ازاي كسبت الخير الكتير ده و انت مكانش معاك غير ملح؟ و بعت الملح ده بالفلوس الكتير دي فين؟!”
و حكى لهم فلن جوكوم عن رحلته فا هما كل واحد فيهم قرر انه يقلده و يروح البلد دي و يعمل زيه! و راحوا التجار كلهم إشتروا ملح كتير جدا و ركبوا مراكبهم و سافروا.. إلا التاجر الأولاني اللي كان شارك فلن جوكوم في اول رحلة تجاره له الوحيد اللي ماراحش زيهم لإنه كان ذكي و حكيم و عارف ان لما اهل البلد البعيدة دي هايلاقوا ملح كتير فالسوق اكتر من اللي محتاجينه ساعتها الملح مش هايبقا سلعة نادرة زي ما كان و سعره هايقل لإن عرض البضاعة هايبقا اكتر من الطلب عليها.. فا التجار هايرخصوا سعرهم عشان يخلوا الناس تشتري منها مش من غيرها و التجار دول كلهم مش هايكسبوا فلوس كفاية تعوضهم عن مشقة السفر..
و فلن جوكوم بشطارته كان عارف و فاهم ان هو اللي سبق و اكل النبق.. و خد الفلوس اللي كسبها من الملح و خلاها راس مال لتجاره اكبر و سافر و جاب بضايع نادرة و الطلب عليها كتير و باعها بسعر عالي و كسب اكتر و اكتر و اشترى مركب اكبر و بقا تاجر كبير..
و في يوم سمعت عنه بنت التاجر الحكيم “ست الحسن و الجمال” و عن قصص امانته و صدقه و عدالته و اعجبت بيه و حبت تقابله و تتعرف عليه اكتر فا بعتت له جواب و هو لما قراه فرح اوي لإنه كان معجب بست الحسن دي من ساعة ما شافها عند ابوها التاجر اللي شاركه في اول رحلته. فا إتقابلوا الاتنين و حبوا بعض و إتجوزوا و عاشوا الإتنين في تبات و نبات و خلفوا صبيان و بنات.
حدوتة فرجوس! (2)
(١) فلن جوكوم تعني بلغة نوبية قديمة: راس البصلة و هي كناية عن قصر القامة و كبر الرأس.
(2) الحدوتة خلصت بلهجة من لهجات اللغة النوبية القديمة
الشخصيات: |
|
الزمان و المكان: | زمان في اسوان و في بلد اخرى بعيدة |
دلالات تاريخية: | لا يوجد |
الدروس المستفادة:
نبذة عن اسس التجارة (فكرة العرض و الطلب)
أهمية صفات الأمانة في العمل